اطرح سؤالك

19 ربیع الاول 1434 الساعة 17:53

لماذا كل هذا الظلم من الله؟ فهل نحن انبياء حتى يمتحننا الله؟ اساسا انا اريد ان ادخل جهنم ماذا اصنع؟ ان لا اتحمل جميع هذا الظلم في هذه الدنيا.

الجواب :



ان الله سبحانه و تعالى لا يظلم احداً ابدا، ولا احد اعدل من الله عز وجل، فالله جل جلاله قد بنى اساس عالم الوجود على العدالة و قد اوصى الله تعالى في آياته الكريمة بالعدل والاحسان و قد لعن الظالمين والطواغيت.

وبناء على هذا فالمصائب التي جرت عليكم أو بقية الناس، لا علاقة لها بعدالة الله، بل ان المصائب التي تجري على المؤمنين اما بسبب اعمالهم أو انها امتحان الهي لرفع درجاتهم عند الله.

و توضيح ذلك باختصار:

الف: قد يرتكب الانسان بعض الذنوب و الاخطاء فتكون سببا لان تظهر على شكل مصائب وبلايا في الحياة الدنيا.
 
كل ذنب له اثار خاصة، فبعض الذنوب توجب الفقر، وبعضها تجلب البلاء كما قال الامام علي (عليه السلام) في دعاء كميل: «اللهم اغفر لي الذنوب التي تهتك العصم اللهم اغفر لي الذنوب التي تنزل النقم اللهم اغفر لي الذنوب التي تغير النعم، اللهم اغفر لي الذنوب التي تحبس الدعاء اللهم اغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء».

وعلى أي حال فان هذه المصائب تكفر عنه ذنوبه وحيث ان الله (عز وجل) يحب عبده المؤمن فيبتليه ببعض المصائب كي يكفر عنه ذنوبه في هذه الدنيا، و يأتي يوم القيامة خال من الذنوب و هذا هو لطف من الله تعالى بالنسبة الى عبده، و لكن من كان من المغضوب عليهم فنجد ان الله تعالى غالباً ما يسبغ عليه نعمه كي يستدرجه و يبتليه بعذاب جهنم و ساءت مصيراً.

ب: الامتحانات الالهية:

تنزل المصائب و البلايا احياناً لأجل الامتحان الالهي. من جملة سنن الله تعالى وقوانينه الثابتة هو ابتلاء وامتحان المؤمنين، كما جاء في القران الكريم من الايات الكثيرة بشأن ذلك على سبيل المثال: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ وَ لَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيراً وَ إِنْ تَصْبِرُوا وَ تَتَّقُوا فَإِنَّ ذٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} آل‏ عمران‏، الآية: 186
ويقول الله تعالى في اية اخرى من كتابه الكريم: {أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لاَ يُفْتَنُونَ  وَ لَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} العنكبوت‏ ، الآية: 2 ـ 3.

وطبعاً ان الامتحانات الالهية ليس لها اطار معين و مشخص، بل يمتحن كل انسان بحسب حالاته الروحية، لذا يقول الله سبحانه في آية اخرى: {نَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَ الْخَيْرِ فِتْنَةً وَ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} الأنبياء ،الآية: 35

الحكمة من الامتحان الالهي:

حيث ان الله تعالى عالم بجميع الامور، لذلك فالامتحان الالهي ليس لأجل رفع الجهل بالأمور، و لكن الله (عز وجل) يمتحن المؤمنين المخلصين لاجل ان تظهر الى الخارج كفاءاتهم واستعداداتهم المخفية، ومن جملة غايات الامتحان الالهي هي تصفية ايمان الانسان المؤمن و اظهار حقيقة ايمانه، مثل الصانع الذي يصهر الذهب في الفرن بحرارة النار كي تحترق الشوائب وتنعدم بسبب النار و يبقى الذهب الخالص.

فالله تعالى يقوم بتصفية و غربلة ايمان المؤمنين في فرن البلاء والامتحان، و هكذا من جملة حكم الامتحان و الابتلاء هو تمييز المؤمنين الصادقين من المؤمنين باللسان و الظاهر. كما قال امير المؤمنين علي(عليه السلام): «لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ أَنْ يُمَحَّصُوا وَ يُمَيَّزُوا وَ يُغَرْبَلُوا وَ يُسْتَخْرَجُ فِي الْغِرْبَالِ خَلْقٌ»؛ وعليه يتعرض كل واحد من المؤمنين للبلاء والامتحان بما يتناسب مع درجته الايمانية و وضعيته الروحية.

و لا يتصور احد ان التدين والايمان يعيش بين الحدائق و البساتين والمنتزهات، وان الانسان المؤمن يمر من خلال طريقه الايماني الطويل بالازهار والاوراد والتنزه، فان هذا التصور يدل على عدم فهم حقيقة الايمان والتدين، ولعل هذه الفكرة والتصور هي التي تدفقت الى افكار بعض المسلمين ردحاً من الزمن و هي انه الى متى نعيش بسبب الايمان البلاء والحرمان؟

و قد انزل الله تعالى لازالة هذه الاوهام عن افكارهم الايات التالية:

{ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَ هُمْ لاَ يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}  العنكبوت‏ ، الآية: 2 ـ 3.

وعلى كل حال ان للامتحان الالهي بحث مفصل، وأهدافه كثيرة، وان الله تعالى يمتحن كل انسان على مقداره، ولذا قد تعرض الانبياء والاولياء الى اشد الامتحانات والابتلاءات.

ج ـ ازدياد الاجر والثواب  المعنوي:

يبتلي الله سبحانه وتعالى المؤمنين احيانا كي يصبروا على البلاء وترتفع بذلك درجاتهم المعنوية.

وقد جاء في رواية عبد الرحمن في هذا المجال: «عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالَ ذُكِرَ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(عليه السلام) الْبَلَاءُ وَ مَا يَخُصُّ اللَّهُ (عَزَّ وَ جَلَّ) بِهِ الْمُؤْمِنَ فَقَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ(صلى الله عليه واله) مَنْ أَشَدُّ النَّاسِ بَلَاءً فِي الدُّنْيَا؟ فَقَالَ النَّبِيُّونَ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ وَ يُبْتَلَى الْمُؤْمِنُ بَعْدُ عَلَى قَدْرِ إِيمَانِهِ وَ حُسْنِ أَعْمَالِهِ فَمَنْ صَحَّ إِيمَانُهُ وَ حَسُنَ عَمَلُهُ اشْتَدَّ بَلاؤُهُ وَ مَنْ سَخُفَ إِيمَانُهُ وَ ضَعُفَ عَمَلُهُ قَلَّ بَلَاؤُهُ».

و نقرأ في رواية اخرى:  «عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) قَالَ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُ بِمَنْزِلَةِ كِفَّةِ الْمِيزَانِ كُلَّمَا زِيدَ فِي إِيمَانِهِ زِيدَ فِي بَلَائِه».

وقال الامام الصادق (عليه السلام) ما مضمونه: ان الله ليبتلي اولياءه بالمصائب و النوائب كي تغفر ذنوبهم و يعطيهم الاجر و الثواب.



الكلمات الرئيسية :


۲,۷۳۹